جلسات نفسيه ودعم نفسي
تفاصيل العمل
كيف يغيّر القلق دماغك؟ رحلة في أعماق العقل المضطرب عندما يغزو القلق العقل، لا يقتصر تأثيره على المشاعر فقط، بل يترك بصمته العميقة على الدماغ نفسه. في قلب هذه العاصفة العصبية، تقف اللوزة الدماغية (Amygdala) في حالة استنفار دائم، وكأنها جرس إنذار لا يتوقف عن الرنين، مما يجعل الشخص أكثر حساسية للخطر حتى في غياب التهديد الحقيقي. في المقابل، تعاني القشرة الجبهية الأمامية (Prefrontal Cortex)، المسؤولة عن التفكير العقلاني، من ضعف في قدرتها على تهدئة هذا الإنذار المستمر، ما يؤدي إلى زيادة التوتر والاندفاعية. أما الحُصين (Hippocampus)، مركز الذكريات والتعلم، فهو الضحية الصامتة، حيث يتقلص حجمه تحت وطأة الإجهاد المزمن، مما يجعل استرجاع الذكريات الجيدة أكثر صعوبة، بينما تظل التجارب السلبية محفورة في الذهن. كل هذه التغيرات تخلق حلقة مفرغة من القلق، حيث يتفاعل الدماغ مع الضغوط اليومية بطريقة تجعل الخروج من دوامة التوتر أمرًا معقدًا. لكن الخبر الجيد أن الدماغ يمتلك قدرة مذهلة على التكيف. تشير الأبحاث إلى أن التأمل يمكن أن يكون أداة فعّالة في تقليل أعراض القلق والاكتئاب، حيث يساعد على تهدئة العقل وتعزيز الشعور بالسلام الداخلي. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الدراسات أن التمارين الرياضية المنتظمة تساهم في تحسين المزاج وتقليل مستويات التوتر، مما يعزز من الصحة النفسية بشكل عام. كما يُعتبر العلاج السلوكي المعرفي (CBT) من أكثر الأساليب العلاجية فعالية في معالجة اضطرابات القلق، حيث يساعد الأفراد على تغيير أنماط التفكير السلبية وتطوير استراتيجيات تكيّف صحية. من خلال دمج هذه الممارسات في الحياة اليومية، يمكن للدماغ إعادة تشكيل دوائره العصبية، مما يساعد على استعادة التوازن والهدوء. فالعقل ليس سجين القلق، بل يمتلك مفتاح التحرر متى ما أدركنا طريقة التحكم فيه.
تعليقات
لم يتم ترك أي تعليق حتى الأن
تعجبك !، قم بمشاركها